رئيس الوزراء : نحتاج لمؤتمر اقتصادي يمني خليجي على مستوى القمة
الرياض ـ سبأنت:
عقد مجلس الوزراء برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً لمناقشة المستجدات الراهنة والأوضاع الاقتصادية المتعلقة بانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، والاجراءات التي اتخذتها الحكومة في هذا الجانب.
وألقى رئيس الوزراء كلمة في بداية الاجتماع، قال في مستهلها إن اليمن تمر بأيام عصيبة انهار فيها سعر الريال اليمني ليصل إلى 800 ريال للدولار الواحد، وذلك يعني أننا كنا قبل ساعات فقط على حافة الانهيار العام.
وذكر ان منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ستوقف حتماً هذا التدهور المريع لسعر الريال، موجهاً شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان ولشعب المملكة وحكومتها، على تلك المنحة.
وأضاف “لقد أدى هذا الانهيار إلى حالة من الخوف والقلق بل والهلع لدى المواطنين بكل فئاتهم الاجتماعية، الأغنياء منهم والفقراء. وسألني الكثير من المواطنين عن الأسباب، والبعض الآخر وجه كيل من الشتائم للحكومة.. البعض من هؤلاء يدرك حقيقة الوضع العام في البلد، والبعض يتجاهله ويسعى لكسب مادي أو معنوي”.
وتابع “لم نرغب في التفرغ للردود، بل عملنا بتوجيه من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، قبل سفرة، وبعد ذلك عملنا مع اللجنة الاقتصادية خلال اجتماعات متواصلة وفي ظل ظروف معقدة، وشحة شديدة في الموارد والقليل من الخيارات، على وضع ما هو متاح من حلول موضع التنفيذ”.
وأوضح “لقد عملنا مع البنك المركزي وقيادته على اتخاذ جملة من الإجراءات التي تعاون فيها أشقاءنا في السعودية معنا لفتح الاعتمادات بهدف تسهيل عمليات الاستيراد، وللمرة الأولى نقلنا في أيام معدودة سوق الصرافة من خلف الجدران إلى النظام المصرفي الحكومي والتجاري.. وقررنا تكليف شركة النفط بشراء المشتقات النفطية وتوزيعها، ووفرنا 10 ملايين دولار لهذا الغرض، بدلاً من ترك الحبل على الغارب للسوق التي يتعامل بها بعض من لا يهمهم سوى تحقيق الربح، والربح الأعلى”.
وأضاف “لن نسمح بعد اليوم بأي عمليات مضاربة في سوق المشتقات النفطية، لكن الأمر له بعد وطني، علينا أن ندرك أن اليمن كلها الآن تتجه بحاجتها إلى العاصمة المؤقتة عدن والمكلا، لقد كانت مسؤوليتنا قبل ذلك في المناطق المحررة، الأن علينا أن نوفر المشتقات لجميع أنحاء اليمن”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الأسباب التي أدت لانهيار الريال، هي انقلاب الحوثي، وأسباب سياسية مستجدة على المشهد اليمني، تناغم فيها الحوثيون والانفصاليون والارهابيون، ومن يقف خلفهم، لكن “موقفنا من الدفاع عن مصالح شعبنا العليا لن يتزحزح قيد أنملة، سنحافظ على يمن موحد، يمن اتحادي، يمن جديد.. مشروع فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، والقوى الوطنية والغالبية الساحقة من أبناء اليمن، وسندافع عن نظام سبتمبر المجيدة وأكتوبر العظيمة”.
وقال ” ليس سراً إذاً قلنا إن الهجوم على الحكومة من هذه الأطراف الثلاثة ومعها إيران ومن سار في فلكها المعادية للنظام الوطني ووحدة اليمن واستقراره، إنما يعود لموقف الحكومة الثابت من هذه القضايا، وأن أسباب الانهيار لا تتعلق بها، ولا بأدائها وإن كان الكمال مستحيلاً بل بجملة من العوامل الموضوعية والذاتية تراكمت دفعة واحدة، وخلقت واقعاً لا يمكن نكرانه، كان الانقلاب الحوثي جذره الأول، لقد دمر الحوثيين اليمن، وسنعاني طويلاً جراء الانقلاب”.
ومضى الدكتور بن دغر قائلاً، “هناك مركزين ماليين وسياستين وإدارتين، هناك عبث حوثي، يهدف فيما يهدف لتدمير بلادنا، ومؤسساتها الوطنية. لقد أدى انهيار الدولة ورحيل الرئيس والحكومة من صنعاء، إلى انهيار مؤسساتها بما في ذلك مؤسساتها المالية. لقد فقدت الدولة 85% من مواردها المالية، ونهب الحوثيين احتياطاتها من النقد الاجنبي والمحلي، ثم أخذوا يدفعون بما نهبوه من الريالات اليمنية إلى السوق”.
وأضاف “في الأسبوعين الأخيرين كلّف الحوثيون بعض البنوك وبعض الصرافين لشراء الدولار من كل أنحاء اليمن، وبأي سعر كان، ويكفي أن نشير إلى موقف الصرافين الذين أغلقوا شركاتهم ومحلاتهم متهمين جهات مجهولة وراء هذا الانهيار. ولم تكن هذه الجهات المجهولة وفقاً لمعلوماتنا ومعلومات غيرنا سوى الحوثيين”.
وأوضح بأن قيادات ميليشيا الحوثي دفعت بالعملة المحلية من خزائنهم التي كانوا قد استولوا عليها، ليشتروا بصورة بشعة الدولار أياً كان سعره، وفعلوا ذلك علناً في صنعاء، وطلبوا من عملائهم الذين وقع البعض منهم في قبضة الأمن في عدن أن يشتروا الدولار بأي ثمن.
وقال رئيس الوزراء “لكي نكون واقعيين ليس هذا سبب وحيد لانهيار الريال أمام العملات الأجنبية الأخرى، هناك أسباب أخرى من أهمها توقف تصدير النفط والغاز إلا من القليل منه من حضرموت ودفعة أولى من شبوة، كان النفط والغاز يمثل المصدر الرئيس لميزان المدفوعات والميزان التجاري في بلادنا”.
وأشار إلى أن توقف التصدير أدى إلى انخفاض المعروض من العملات الأجنبية في سوق الصرافة مع بقاء الاحتياجات من النقد الأجنبي على ذات المستوى، مع ازدياد مستمر في عدد السكان، وانخفاض في مستويات الإنتاج في كل القطاعات بما فيها الزراعة والاسماك.
وأردف في كلمته بأن هناك سبب آخر، وهو العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة، واللجوء الاضطراري إلى مصادر تضخمية، مما ألقى ذلك بظله على سعر صرف الريال.
وأضاف بأن هناك سبباً مباشراً، وهو دخول تجار النفط على خط المضاربة، للحصول على الدولار، والتجارة في النفط تعطي أرباح كبيرة قياساً بالسلع الأخرى، ولذلك قررت الحكومة توفير احتياجات المواطنين مباشرة عبر شركة النفط، وتلك الإجراءات بدأناها منذ أمس الاثنين.
وأشار الى أن الاختلالات العسكرية والأمنية القائمة في المحافظات المحررة لن تسمح بالاستقرار الاقتصادي.
وقال “لقد زادت عمليات الاغتيال من سوء الأحوال الأمنية في المحافظات المحررة، وانتشرت الفوضى وأعمال النهب والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وللأسف الشديد تمر العاصمة المؤقتة عدن بوضع لم تعرفه من قبل، هناك خلل كبير في الاستراتيجيات التي نحن جميعاً عليها”.
وتابع “لدينا كامل الثقة بأننا وبدعم من أشقائنا في التحالف سوف نتجاوز هذا الأزمة المالية التي ألقت بثقلها على كاهل اليمنيين، كما تجاوزنا الأزمة السابقة في نهاية العام الماضي”.
ولفت إلى أن اليمن عمق استراتيجي لدول المنطقة، وللمملكة على نحو خاص.
ووفق ذلك، قال رئيس الوزراء إن “اليمن بحاجة إلى مؤتمر اقتصادي يمني خليجي على مستوى القمة ينظر في وضعه، لا يمكننا أن ننتصر في معركتنا مع الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين في ضل اوضاع سيئة يعيشها المواطن اليمني. لن يثق المواطن بما نقوله عن أنفسنا وعن توجهاتنا، بل بما نصنعه على الأرض ويلمسه المواطن”.
ووجه دعوة إلى الأشقاء في المملكة العربية السعودية بتسهيل وتبسيط استخدام الوديعة أمام البنك المركزي والشركات والتجار اليمنيين.
وحث على تحييد موارد البلاد، من النفط والغاز والضرائب والجمارك وغيرها، وفي هذا الجانب قال “أدعو الحوثيين للاعتراف للشرعية بقيادة هذا المجال، والتعامل بمسؤولية مع سلطة البنك المركزي في عدن، مع استعدادنا التام لتحمل المسؤولية كاملة في ادارة السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية وتحمل تبعاتها أمام شعبنا والمجتمع الدولي”.
وجدد التأكيد على “ضمان دفع المرتبات للموظفين، والموازنات التشغيلية للموافق الخدمية إذا قبل الحوثيون بمقترحاتنا في هذا الشأن. إن إجراءات من هذا القبيل سوف تجنبنا هذه الأزمات المالية، وسوف تحمي شعبنا من مخاطر الانزلاق نحو المجهول، إن بوابة الاقتصاد ركيزة من ركائز الحفاظ على وحدة المجتمع والدولة”.
وفي السياق، ناقش الاجتماع الجهود التي تبذلها وزارة المالية واللجنة الاقتصادية والبنك المركزي، لتنفيذ الاجراءات الاقتصادية المقرّة في الاجتماعات السابقة التي عقدها مجلس الوزراء، بما يضمن استقرار الوضع الاقتصادي، ويحافظ على قيمة الريال.
وثمن المجلس دعم السعودية للاقتصاد اليمني والعملة المحلية، من خلال الوديعة السعودية والمنحة النفطية المقدمة لقطاع الكهرباء، وآخرها 200 مليون دولار دعماً للاستقرار المالي.
وأكد على أن تلك المنحة المالية ستعمل على تخفيف الاضطراب في السوق، والتخفيف من حالة التوتر التي يشهدها القطاع الاقتصادي في البلاد، وهي تعبير عن مواقف المملكة الأصيلة ودعمها الدائم للشعب اليمني، وتقديم التضحيات في سبيل وحدة الهدف والمصير المشترك.
وبحث إجراءات تطبيع الأوضاع وتأمين المناطق وإعادة بسط سلطات الأمن سيطرتها في المحافظات المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة، وحل مشكلة المطارات والموانئ، لما يضمن من تشجيع الاستثمار وعودة راس المال اليمني إلى البلاد، لذي سينعكس ايجاباً في توفير العملة الصعبة.
وشدد المجلس على تحصيل موارد الدولة من الضرائب والجمارك، وتوريدها إلى حساب الحكومة العام في البنك المركزي اليمني، داعياً أجهزة الدولة ذات الصلة إلى العمل بجهد فاعل في هذا الجانب.
كما أكد على دعم البنك المركزي اليمني في الإجراءات التي اتخذها في شأن فتح باب الاعتمادات لاستيراد السلع الأساسية، وتوجيهاته للبنوك التجارية ومحلات الصرافة من منع ووقف عمليات المضاربة وشراء العملات بأسعار خارج منطق وسلوكيات السوق.
ودعا البنوك والصيارفة إلى عمل مشترك، قوامه وجوهره هو ضمان ذهاب المبالغ النقدية من العملة الأجنبية التي يتم التعامل بها في السوق المحلية إلى البنك المركزي والبنوك التجارية العاملة في البلاد.
وحث المجلس على العمل بكل قوة ممكنة دون تقصير للوصل إلى حلول عاجلة ومستدامة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وإيقاف الانهيار الذي يعصف بحياة المواطنين اليمنيين، والذي يهدد بانهيار الوضع الإنساني إلى مستويات أدنى بسبب الحرب التي تشنها ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران.
وجدد مجلس الوزراء دعوته المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط على الميليشيا، بإعادة الأموال المنهوبة التي نهبتها من البنك المركزي اليمني في العاصمة اليمنية صنعاء، وتسليم الإيرادات الضريبة والجمركية، من أجل سداد رواتب الموظفين وتعافي العملة المحلية، وإنقاذ المواطنين اليمنيين من الجوع.
وطالب الميليشيا الانقلابية بجعل الموارد كلها في البنك المركزي وفروعه، من أجل صرف مرتبات جميع العاملين في الدولة، والالتزام بما اُتخذ من إجراءات، بأن يكون هناك مركز قرار مالي واحد لحماية اقتصاد البلاد، وحماية الريال.
اكتشاف المزيد من أخبار السفارات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.