ننشر كلمة السفير فيكتور هوجو بينيا بارييرو، سفير الباراجواي بالقاهرة، خلال ندوة أسبوع سينما إبيروأميريكا بجامعة فاروس بالإسكندرية
خاص : اخبار السفارات:
عبر السفير فيكتور هوجو بينيا بارييرو، سفير الباراجواي بالقاهرة عن سعادته لزيارته لمدينة الإسكندرية مؤكدا انه لشرف كبير أشعر به لزيارتي – للمرة الأولى بالنسبة لي – لمدينة الإسكندرية التاريخية، التي رأت حكومتها سلطاتها أنه من المناسب استضافة الأسبوع الأول لسينما إبيروأميريكا في الإسكندرية. وقدم الشكر على وجه الخصوص، سكان المدينة الذين رافقوا بحماس الاحتفال بهذا المعرض للفن الأيبيري الأمريكي، الذي ترتبط مظاهره ارتباطًا وثيقًا بالإسكندرية الشهيرة.
جاء ذلك خلال كلمته التى ألقاها خلال ندوة أسبوع سينما إبيروأميريكا بجامعة فاروس بالإسكندرية.
وأعرب عن تقدير سفارة الباراجواي في مصر للسلطات الحكومية بالإسكندرية ومحافظها السيد اللواء محمد الشريف ونائبته الدكتورة جاكلين عازر.
وبصفة خاصة لسلطات جامعة فاروس المستنيرة في شخص رئيسها الرائع الأستاذ الدكتور محمود محيي الدين والأستاذة الدكتورة سحر حمودة عميد كلية اللغات والترجمة وجميع طلاب هذا الصرح العلمي المُشرف، ومن بينهم يجب أن أسلط الضوء على أولئك الذين يكرسون جهودهم لتنمية اللغة الإسبانيةذات الارتباط الوثيق والطويل بالعالم العربي عامة وبالمصريين على وجه الخصوص.
وقال أنا هنا اليوم لأخبركم عن بلدي الباراجواي. يعرف الكثير منكم أنها دولة متوسطية، غير ساحلية، تقع على مسافة ما يقرب من 11300 كيلومتر بين العاصمة أسونسيون والقاهرة. لكن كل هذا لم يكن أبدًا عائقاً أمام العلاقة الجيدة والصلبة بين المصريين وقوميات أخرى من الحضارة العربية والباراجواي.
مؤكدا أن تطورت عملية هجرة الرعايا العرب ومن بينهم المصريون نحو أمريكا الجنوبية بقوة دافعة بين القرنين التاسع عشر والعشرين، وبصورة رئيسية تمركزوا في المدن الساحلية مثل بوينس آيرس بالأرجنتين؛ بالإضافة إلى ريو دي جانيرو بالبرازيل أو في محيطها الساحلي مثل مدينة ساو باولو المزدهرة بالبرازيل.
من هذه المدن الساحلية أو الواقعة بالقرب من المحيط الأطلسي ، دخل المهاجرون العرب أجزاء مختلفة من أمريكا الجنوبية ، بما في ذلك أسونسيون عاصمة الباراجواي ومؤخرًا نحو الحدود الثلاثية الأرجنتينية البرازيلية الباراجوايية وهي المنطقة التي يطلق عليها ثيوداد دي الإيستي. في هذه المرحلة، قامت الجالية العربية الكادحة، بما في ذلك السوريين واللبنانيين والأردنيين والسعوديين والمصريين، ببناء قطب تجاري ومنتج قوي في مدينة ثيوداد دي الإيستي، على الحدود الثلاثية.
أقامت مصر والباراجواي علاقات دبلوماسية في عام 1959، من خلال وثيقة موقعة في الأمم المتحدة. في عام 1996، افتتحت الباراجواي سفارتها في القاهرة، بينما قررت مصر تطوير الرابط الدبلوماسي من خلال تمثيل غير مقيم من سفارتها بمونتيفيديو بالأوروجواي. خلال كل هذا الوقت، قام وزير خارجية الباراجواي آنذاك بزيارة رسمية إلى مصر في عام 2009، وهو أليخاندرو حامد فرانكو. ولكن لم تقام زيارات رسمية بعدها منذ ذلك الحين، وهذه علامة واضحة على أن هذا المجال لازال بحاجة إلى الكثير من التطوير والتقوية. ومع ذلك، في 10 يونيو2016، أصدرت السلطة التشريعية في الباراجواي القانون رقم 5613، الذي ينص على الاحتفال “بيوم المهاجرين العرب”، والذي يتم الاحتفال به في 13 أكتوبر من كل عام، إحياءً لذكرى تأسيس الاتحاد السوري وهو أول مؤسسة خيرية ومساعدة عربية في الباراجواي.
إن اقتصاد الباراجواي ومصر تكاملي للغاية. فمصر دولة متنامية حتى على الرغم من الوباء، وتحتاج إلى الموارد الغذائية بينما تعد الباراجواي دولة منتجة للغذاء بشكل أساسي، حيث إنها دولة ذات أرض خصبة تنبت بسخاء كل ما يزرع فيها.
وأشار أن الباراجواي تقع بين العملاقين المجاورين البرازيل والأرجنتين، في مكان استراتيجي في القارة يسمح بتوحيد المراكز الإنتاجية لسواحل المحيط الأطلسي، الواقعة في البرازيل كما في الأوروجواي والأرجنتين، مع مدن الاستهلاك والموانئ الواقعة على المحيط الهادئ في تشيلي وبيرو، لإرسال الشحنات إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ من خلال ممر بيوسيانيك وهو حاليا قيد الإنشاء، وقد صمم لهذا الغرض.
بالإضافة إلى ذلك ، تقع الباراجواي في وسط ممر الباراجواي – بارانا المائي، وهو مجمع من الأنهار يبلغ طوله أكثر من 7500 كيلومتر، مما يسمح بالتجارة والإنتاج على نطاق واسع من المراكز الموجودة في بوليفيا، والولايات الغربية والجنوبية من البرازيل. تلك الخاصة بالباراجواي ، تضاف إلى إنتاج الأرجنتين والأوروجواي. كما يوجد أعجوبة النقل والمواصلات بفضل نهري بارانا والباراجواي بشكل أساسي.
المنتجات المميزة للباراجواي هي اللحوم وفول الصويا والذرة والمتة والأرز والسمسم والشيا ونشا الكسافا من بين العديد من الزراعات الغذائية المنتجة في البلاد. اكتسبت لحوم الباراجواي مكانة مرموقة في العالم لجودتها العالية جدًا، مما جعلها واحدة من الأفضل عالميا، وإن كانت بأسعار تنافسية. من بين خطط سفارة الباراجواي في مصر القيام بحدث يهدف إلى تذوق لحوم الباراجواي الفاخرة، سواء من خلال أطباق باراجوانية مميزة أو أطباق مصرية رائعة. تم الحصول بالفعل على إذن من الخارجية المصرية لاستيراد دفعة من اللحوم الممتازة وسيكون من الضروري فقط تنسيق مواعيد الشحن وتحديد أيام معرض تذوق اللحوم الباراجوانية وسيتم ذلك في كل من القاهرة والإسكندرية. سنقوم بإخطاركم مسبقًا بالتواريخ التي سيقام فيها معرض تذوق اللحوم الباراجوانية.
كذلك يعتبر فول الصويا من الزراعات المميزة في الباراجواي وهي سادس دولة منتجة عالميا و الرابعة في التصدير لفول الصويا.
اليربا ماتي هي منتج آخر يناسب المستهلك المصري جيدًا فهي أعشاب من الأراضي الباراجوانية تستهلك بطرق مختلفة منها تحضير الحقن وهي التي كان يستهلكها السكان الأصليين الهنود الجوارانيون،ومنها أنواع مثل المتة الساخنة، والتي يتم تجهيزها بمحضر كهربائي. أو يحضر منها مشروب منعش يسمى التيريريه والذي أعلنته اليونسكو مؤخرًا “تراث ثقافي غير مادي للبشرية”. من المستبعد جدًا أن يحتسي المستهلك المصري مشروب اليربا ماتي طوال الوقت كما نفعل نحن في الباراجواي والأرجنتين والبرازيل والأوروجواي ، لكنهم بالتأكيد سيعتمدونه كإضافة للشاي لصفاته المنعشة وفوائده كمضاد للأكسدة وغيرها من الفوائد الصحية، ولقد فعل السوريون ذلك بالفعل.
من جانبها، تبيع مصر أنواعًا مختلفة من الأسمدة إلى الباراجواي والرخام والقطن المصري الشهير وبعض المصنوعات مثل الأفران الكهربائية والأدوات الطبية.
لكن الحجم والأرقام الحالية يمكن ويجب مضاعفتها عدة مرات. إن إمكانات التجارة الثنائية كبيرة للغاية، وسفارة الباراجواي في مصر مصممة على بذل قصارى جهدها لزيادة أرقام التجارة الثنائية.
وعلى صعيد التعاون العلمي والثقافي ، تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون الأكاديمي والعلمي سارية المفعول بين جامعة أسونسيون الوطنية في الباراجواي وجامعة أسيوط في مصر. ومذكرة تفاهم مماثلة بين جامعة القاهرة وجامعة أسونسيون الوطنية تحت الدراسة. وهناك اتفاقيات أخرى قيد التنفيذ ، مثل التعاون الثقافي والعلمي والتكنولوجي بين حكومة جمهورية الباراجواي وحكومة جمهورية مصر العربية.
فيما يتعلق بالسياحة ، وهي منطقة مرتبطة جدًا بالتعبيرات الثقافية – حيث تمتلك مصر ثروة وتاريخًا يكاد يكون من المستحيل مضاهاته، ولكن تمتلك الباراجواي نوع مختلف من السياحة مثل السياحة الريفية ولذلك اقترحت الباراجواي مؤخرًا على مصر الاشتراك في مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال السياحة بين الأمانة الوطنية للسياحة في جمهورية الباراجواي ووزارة السياحة والآثار بجمهورية مصر العربية.
في مجال الفن الأيبيري الأمريكي، كان للتصوير السينمائي أعمال لا تُنسى، يستحق العديد منها جوائز الأوسكار سواء للأفلام ذاتها أومخرجيها وممثليها. من بينها السينما البارراجوانية التي تشهد صعودا ملحوظا في الفترة الأخيرة بفضل وجود مخرجين ومنتجين وممثلين جدد على أعلى مستوى. يوم الأربعاء 27 ، الساعة 6:00 مساء، بمركز الحرية الواقع بشارع فؤاد، من المقرر عرض فيلم “الباحثين” ، وهو فيلم من إنتاج شركة مانيجليا شيمبوري للإنتاج ، والتي كان من بين أعمالها فيلم “سبع صناديق” والذي عُرض في العديد من البلدان وحقق نجاح فريد. أنا على يقين من أن فيلم الباحثين سيحظى بإعجابكم وأنكم جميعًا ستنتظرون المشاركات الجديدة للسينما الباراجوانية في الدورات القادمة من أسبوع السينما الإيبروأميركية في الإسكندرية.
في الختام، دعوني أخبركم أن قوة الحضارة العربية وخاصة المصرية تجلت في شخصيات تولت مناصب رفيعة المستوى في الباراجواي بدءً من رئيس جمهوريتنا الحالي ماريو عبدو بينيتيز، وهو رئيس الجمهورية حتى عام 2023؛ والمستشارة السابقة ليلى رشيد ليشي؛ شقيقها الأكبر النائب البرلماني بدر رشيد ليشي، والذي كان رئيس لحزب الرابطة الوطنية الجمهورية وهو حزب سياسي يعود أصله إلى عام 1887 وما زال يتمتع بقوة سياسية وانتخابية حاسمة ؛ كذلك وزير الخارجية الأسبق أليخاندرو حامد فرانكو الذي زار مصر عام 2009 كما ذكرت؛ السيد أوسبالدو دومينجيز ديب وهو رجل أعمال عظيم وقائد رياضي تاريخي، ورئيس نادي أوليمبيا الرياضي الذي حاز على كؤوس مثل الكأس الأمريكي وكأس بين القارات من بين العديد من الجوائز الدولية والوطنية. بالإضافة إلى إن عددًا كبيرًا من الدبلوماسيين والعلماء ورجال الأعمال والفنانين في الباراجواي من أصل مصري، ودول عربية أخرى، قد رسخوا جذورهم في الباراجواي وأثرو ما بأعمالهم ودراساتهم وفنونهم الباراجواي التي نعرفها اليوم.
أعزائي الطلاب ، أصدقائي الأعزاء من الإسكندرية، أكرر امتناني لوجودكم هنا اليوم واهتمامكم بـسينما إبيروأميريكا وعلى وجه الخصوص السينما البرارجوانية. وأخيرا أود أن أدعوكم للتعمق في الخصائص الرابطة بين الشعبين على الرغم من بعد المسافة، إلا أنهما أقرب في الروح والتعليم والفن أكثر مما قد يعتقده الكثيرون: يتشارك المصريون والباراجوانيين سلسلة من القيم والقصص عن شجاعة رجالهم ونسائهم أيضًا فكلاهما رمز للصمود و الشجاعة بين البشر.