الدكتور فتحى الشرقاوى يكتب عن … موسم النفاق السياسي الانتخابي

بقلم ا.د. فتحي الشرقاوى

لا أعرف ما الذي جعلني أتذكر رسالتي للدكتوراه في أوائل الثمانينات وانا ابحث ظاهرة النفاق والمال السياسي في عملية الانتخابات البرلمانية، ربما الذي فجر هذا الاستدعاء المحزن بطعم الفكاهه، رؤيتي لمشهد هزلي لأحد رجال الأعمال المشهورين، وهو يحتضن طفل صغير بائس في أحد الأحياء السكنية الفقيرة، وهو يتأهب للترشح لعضوية مجلس النواب، ذلك المشهد الذي يعد صورة كربونية من لقطه للفنان الرائع عادل أمام في أحد افلامه القديمه (بوسه)..

وكأن تقبيل المرشح للطفل البائس المعدم الفقير، هو قمة الإنسانية، التي ستفتح بدورها الأبواب المغلقه أمام هذا المرشح لحصد أصوات الناخبين ،ومن ثم جواز المرور لعضويتة للبرلمان… مع أن الفارق الزمني بين المشهدين الواقعي لرجل الأعمال المرشح و الهزلي الدرامي التمثيلي، قرابة ربع قرن من الزمن تقريبا..

إن هذه الملهاة والمأساة الدرامية بلغة المسرح عند أجدادنا الاغريق ، قد تحمل في طياتها عدة مؤشرات،

اولا..

الاعتقاد الخاطئ لبعض المرشحين أن مداعبة الجانب الإنساني فقط واللعب على أوتار العاطفه والاستعطاف المؤقت، لزوم الدعاية الانتخابية ، هو الباب الملكي للإستحواذ على أصواتهم وتأيدهم، ولو صح مثل هذا المنظور الانفعالي على المستويين النظري والواقعي في تحقيق أهدافه، فحتما سنكون أمام كارثة مجتمعيه حقيقية بالمعنى الدقيق للكلمه، فممارسة الأفراد لدورهم في المشاركة التصويتية السياسية الجاده، لا ينبغي أن يكون محركها الأساسي مجرد دغدغة مشاعر وعواطف الناخبين، ببعض المشاهد الإنسانية المختلقة دراميا أمام كاميرات التصوير، وإنما ضرورة إعمال العقل في مدى قدرة هذا المرشح أو ذاك، للقيام بأدورة الرقابية تحت قبة البرلمان لخدمة الوطن وليس مجرد مندوب لتقديم الخدمات لهم، و كذلك مدى تمتعه بالنزاهه والشفافيه، وتاريخه السابق المتمثل في مدى نجاحاته السابقة أو فشله فيها، و مدى قدرته على أن يكون ممثلا حقيقيا عن معاناة من ينتخبونه من الناخبين، لكل ماسبق اتوجه برساله إلى مدراء الحملات الاعلامية والدعاية للمرشحين ، ياريت ترحموا ابونا واللي جاب ابونا من تفكيركم البدائي الساذج، وانتم تديرون وتنفذون حملاتكم الدعائية لمرشحيكم البرلمانيين القادمون، فالمجتمع المصري ياسادة لم تعد سماته وخصائصه كما تعتقدون ، شعب تغيرت رؤيته واتجاهاته وقيمه، وفقا لما عايشه من مواقف سياسية عديدة ، شعب اجتاز ثورتين متتاليتين في خلال عدة اعوام، لن يجدي معه اساليبكم الممجوجه والمتدنية في اساليب الدعاية، تلك التي ترجع بحكم طبيعتها إلى العصور الوسطى من القرن السابق.

ثانيا.

من أدبيات الفكر المتعارف عليه دوليا في المجال السياسيه. و ما سبق للمرشح تقديمه ومدى أدائه السابق لناخيبيه ، الذين سبق لهم منحه فرصة الفوز،

ويصبح حينئذ معيار تجديد الثقه أو سحبها منه مجدا، هو مستوى ما قدمه من انجازات، والمتابع لكيفية إدارة حملات الدعاية في الخارج، يجد أن المخططين لهذه الحملات عاده مايبرزون في أولويات دعايتهم لمرشحيهم، الإنجازات السابقة لهم، لكي تصبح بدورها دافعا لتجديد ثقة الناخب مرة أخرى…وهنا يبرز لدينا السؤال التالي…

لماذا لا يلجأ مخططي حملات الدعاية عندنا الى استخدام مثل هذا التكتيك؟

الاجابه ببساطه وبكل أسف.. لأنه لا توجد إنجازات يمكن بلورتها وصياغتها وعرضها،

ثالثا ..

لو استعدنا ذاكرة انتخابات مجلس الشيوخ السابقة، والإقدام الهزيل والضعيف من الناخبين على الصناديق، الى الحد الذي تم إثارة موضوع توقيع العقاب المادي على المحجمين عن المشاركة التصويتية،

لأدركنا في المقابل ضرورة قيام الساسة والمسؤولين ومراكز قياسات الرأي العام المعنيين بدراسة هذا الوضع المؤسف ، خاصة أن الانتخابات البرلمانية تاتي في أعقاب مجلس الشيوخ، ونخشى من تكرار مثل هذا السيناريوا الاحجامي المؤسف، ما لم نسرع في البحث عن مقدماته حتى تستقيم نتائجه المرجوة

هذه بعض إرهاصات باحث في مجال علم النفس السياسي محبا لأرضه ووطنه وقيادته

يرى بأم ورأس عينه مقولات العلم المتخصص

في مجال إدارة الانتخابات الذي تخصص فيه تهدر وتنتهك …هل من مجيب….

نتمنى وللحديث بقية إن كان في العمر بقيه إن شاء الله

كاتب المقال : أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس


اكتشاف المزيد من أخبار السفارات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أخبار السفارات

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading