السفير د. جيلبير المجبر يكتب : سجعان القّزي بكيّر خسرناك
صديقي سجعان ، منذ فترة وجيزة وأنا من أرض الغربة أتصل بأحد أعضاء “لجنة بكركي ” أو ما إتفقنا على تسميتها “لجنة سجعان” لأطمئن عنك ، تعز عليّ أنْ أكتب كلمة رثائك أيُّها المناضل الشريف النبيل ، وإني مُلزم تجاه جبروتك ووطنيتك أنْ أتناول سيرتك الوطنية والأخلاقية وكل ما هناك من ميّزات تمتّعتَ بها أيُّها المناضل الشريف .
صديقي سجعان ، إذا أردتُ في هذه المناسبة أن أتحدث عن القدر ، وكل ما هــو مستجد في هذه الدنيا وما عليها ، فلا بُدّ من الإعتراف بأنّ الموت أحد أوجهها الأشد إيلامًا علينا وخصوصًا عندما بُلغنا هنا في أرض الغربة عن وفاتك… إنه القدر الذي لا يرحم ولا يكُّنْ …
صديقي سجعان ، أيُّها السياسي العصامي غادرتنا وأنتَ الذي شقيّتَ طريق العمل السياسي بنبل أخلاقك الوطنية الصرفة في زمن قلّتْ فيه الشهامة الوطنية وغاب العمل السياسي النبيل ، وغاب النشاط الوطني الصادق وباتت القضية اللبنانية منسيّة من قبل الجميع ما عــدا النخبة وكنتم من أهــل النخبة وليس من باب الصدفة أن ترأس “لجنة بكركي ” .
صديقي سجعان ، كُنتَ الصلب والصدوق في زمن قـلّ نظيره ، وأنتَ الذي تعالتْ نفسك عن المادية وشموخ عهدها والتكاذب والتملّق بين السياسيين على أنفسهم وعلى الوطن … والمال أصبح الهدف والغاية بأية وسيلة كانتْ ، وبوقتٍ قياسي ، والدجـــل ملأ قلوب معظم السياسيين ، وبات ساسة لبنان متسلّطون كذّابون دون خجل ووجل .
صديقي سجعان ، كنتَ المدافع عن الحضور المسيحي – الماروني والحضور اللبناني الوطني أينما حللتَ ، كنتَ صاحب علمٍ وفكرٍ حُــرْ نيِّــرْ ومن متتبعي العمل والعلم السياسي الشريف ومشرف على لجنة سمّاك منسقها سيِّد صرح بكركي ، وقد أخذت هذه اللجنة بشهادة المنضمين إليها حيِّزًا مهمًا من مسيرتك الوطنية الحامــل لواءها والمنتمي إلى وطن الكرامات.
صديقي سجعان ، كنتَ المُدافع عن الجمهورية اللبنانية ومحبًا لها ، وكيف لا ، وأنتَ الذي كنت توصي كل عضو بالعمل الجاد والرصين ومقاربة أي موضوع يُطرح أثناء الإجتماعات وبشهادة أكثر من عضو تربطني بهم صداقة أخوية ووطنية .
صديقي سجعان ، حملت الأمانة دون تلكوء أو تقاعس ، فكنتَ السياسي المهني الصلب وذو مبدأ سياسي صارم ، طيِّبَ القلب والروح والعقل المنفتح على كل مسلكٍ حواري ، وما يُحاكيه سياسيًا وإجتماعيًا .
صديقي سجعان ، تشهد الإجتماعات على ما كان ينقله إليّ أصدقائي المشاركين أنك السياسي الشريف المحنّك الذي لا يرضخ لأي ضغط ولأي إملاءات في هذا الزمن السياسي العاق ، وكيف لا وأنتَ الرجل الثوري ذو العقيدة الوطنية الصلبة .
صديقي سجعان ، لم تتزحزح قيد أنملة عن الثوابت الوطنية ، ولم تُساوم على المبادىء التي تربيّتَ عليها ، أحببت لبنان ودافعتَ عنه وعن كرامته وسيادته وكان لبنان شغلك الشاغل .
صديقي سجعان ، لم تكن السياسي العادي بل كنتَ الرافض بالإعتراف بلغة سياسية ضعيفة ، وكنتَ المصِّرْ على المواقف الحاسمة وغالبًا ما كنتَ المُصِّرْ على ذلك أمانة ما تسلمتَ من البطريرك .
صديقي سجعان ، مواقفك الجريئة الصريحة الرافضة للأمر الواقع والرافضة لأي مشروع تقسيمي والحروب الداخلية وكنتَ الداعي إلى الحوار بين اللبنانيين والتعايش . كُنتَ أسطورة النضال الوطني .
صديقي سجعان ، بكّير كتير ، خسرناك جميعًا ، رحمك الله وأسكنك فسيح جنّاته ، صليلنا من فوق ، أنت العالم بوضعنا .
كاتب المقال : السفير الدكتور جيلبير المجبِّرْ كاتب ومحلل سياسي لبنانى
اكتشاف المزيد من أخبار السفارات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.