ثلاثية الحلف الشيطاني: واشنطن وتل أبيب والغرب…هل يلتهمون عالمنا العربي؟

بقلم : عبدالله صالح الحاج |
تتصاعد حدة التساؤلات، وتتعالى نبرات القلق في أرجاء عالمنا العربي المثخن بالجراح. شبح يلوح في الأفق، أو ربما هو واقع يتجسد يومًا بعد يوم: “ثلاثية الحلف الشيطاني” كما يصفها البعض – واشنطن وتل أبيب وعواصم الغرب المؤثرة – وهل لهذه القوى مجتمعة أجندة خفية، أو ربما معلنة ولكن مُغلفة، تستهدف ابتلاع عالمنا العربي، أرضًا وشعبًا ومقدرات؟
لا يمكن للمراقب المنصف أن يتجاهل حجم التحالف الاستراتيجي المتين الذي يربط الولايات المتحدة الأمريكية بإسرائيل، وهو تحالف تعززه أواصر تاريخية وسياسية وعسكرية متينة.
هذا التحالف، الذي غالبًا ما تجد فيه إسرائيل دعمًا غربيًا صريحًا أو ضمنيًا، يثير في الوجدان العربي شعورًا عميقًا بالانحياز، وبأن هناك قوى دولية كبرى تدعم طرفًا على حساب حقوق أمة بأكملها.
نتأمل تدفق السلاح الأمريكي والغربي المتواصل إلى إسرائيل، وهو سلاح نوعي ومتطور يكرس تفوقها العسكري في المنطقة، ويمنحها القدرة على فرض سياساتها التوسعية دون رادع حقيقي. نتأمل الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من أي إدانة دولية، والمواقف الغربية التي تميل في أغلب الأحيان إلى تبني الرواية الإسرائيلية للصراع، متجاهلة جذوره التاريخية وحقوق الشعب الفلسطيني.
ثم نلتفت إلى التدخلات الأمريكية والغربية المتعددة في الشؤون الداخلية لدول عربية، تحت عناوين براقة مثل “نشر الديمقراطية” أو “مكافحة الإرهاب”. ولكن، ألم تسفر هذه التدخلات في كثير من الأحيان عن فوضى خلاقة، وعن تفتيت دول كانت عصية، وعن إشعال نيران الفتنة الطائفية والعرقية التي لم تنطفئ حتى اليوم؟ ألم يستفد من هذه الفوضى قوى إقليمية تسعى لتوسيع نفوذها، وفي مقدمتها إسرائيل التي وجدت في ضعف محيطها العربي فرصة لتعزيز أمنها ومكانتها؟
هنا يبرز السؤال الملح: هل هذه الأحداث المتلاحقة مجرد صدف عشوائية، أم أنها حلقات متصلة في سلسلة هدفها إضعاف العالم العربي وتقسيمه، ونهب ثرواته، وتكريس تبعيته لقوى خارجية؟ هل هناك بالفعل “حلف شيطاني” ثلاثي الأطراف يعمل بتناغم لتحقيق هذه الأهداف؟
قد يجادل البعض بأن المصالح الذاتية لكل طرف هي المحرك الأساسي للسياسات، وأن التقارب في بعض الأحيان لا يعني بالضرورة وجود مؤامرة مُحكمة. ولكن، عندما تتلاقى المصالح بشكل دائم في اتجاه واحد يخدم طرفًا على حساب آخر، يصبح من المشروع التساؤل عن طبيعة هذا التلاقي وحدوده.
إن الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، وتتطلب تحليلًا معمقًا وشاملًا يأخذ في الاعتبار التاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد. ولكن، يبقى الشعور بالقلق مشروعًا، ويبقى التساؤل عن مستقبل عالمنا العربي معلقًا في ظل هذه التحالفات القوية والتدخلات المتكررة. هل نحن بالفعل على أعتاب مرحلة جديدة من “الالتهام”؟ وهل سنملك القدرة على مواجهة هذا “الحلف الأسود” المزعوم، وحماية أرضنا وهويتنا ومستقبل أجيالنا القادمة؟ الإجابة، في نهاية المطاف، تقع على عاتقنا نحن، شعوب هذه المنطقة.
كاتب المقال : عبدالله صالح الحاج : كاتب ومحلل سياسي يمنى
اكتشاف المزيد من أخبار السفارات embassiesnews
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.