ننشر كلمة الأمم المتحدة بالأسبوع العربى للتنمية المستدامة
محمد ابو الحديد
جاءت كلمة إلينا بانوفا، المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر في الجلسة الافتتاحية للأسبوع العربي للتنمية المستدامة، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة متضمنة .
معالي، السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، معالي السيدة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية لجمهورية مصر العربية، معالي السيد كريستيان بيرجر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي إلى جمهورية مصر العربية، معالي السيدة آيات سليمان، المديرة الإقليمية للتنمية المستدامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة البنك الدولي، معالي السيدة رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا، أصحاب السعادة، الزملاء الأعزاء، السيدات والسادة.
اسمحوا لي أولا أن أُعرب عن امتناني لمعالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، على دعوته الكريمة للمشاركة في هذا المحفل الهام.
وأود بشكل خاص أن أشيد باختيار موضوع أسبوع التنمية المستدامة، “معا من أجل تعاف مستدام”. فهذا شديد الصلة ونحن نواصل معا كفاحنا ضد آثار جائحة كوفيد-19 بينما نواجه جملة أخرى من التحديات المُعقدة.
كما وأن الإتيان بالشركاء الدوليين والإقليميين والوطنيين معا إلى جامعة الدول العربية هو بمثابة تجلٍ لتعددية الأطراف الفعالة. إن التعاون كوسيلة لمواجهة تحدياتنا المشتركة هو أمر جوهري بالنسبة إلى رؤية الأمم المتحدة.
وقبل أن أُركز على الموضوعات الأساسية لأسبوع التنمية المستدامة، أود أن أغتنم الفرصة لأعرب عن تقديري للتعاون بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بهدف تسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر والمنطقة. إن اتساع وعمق تعاوننا مُشجع وواعد للغاية: إذ يمتد من العمل معا من أجل أولئك الأكثر ضعفا، كاللاجئين والمهاجرين، إلى التعاون الفني بشأن تحديات الاستدامة، من قبيل تمكين المرأة والمياه والتحضر والتجارة.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
في العام 2015، عندما التف العالم حول أجندة 2030 للتنمية المستدامة، كان الطموح عظيما وكان الأمل في مستقبل أفضل مع عدم إهمال أحد، في أوج مستوياته، بما في ذلك في المنطقة العربية.
وبعد مرور ست سنوات على اعتماد أجندة 2030، فإننا جميعا نعيش في ظلال من عدم اليقين وتحديات تختبر على نحو غير مسبوق الاقتصادات والشعوب والكوكب، وهي تحديات يزيدها التأثير المدمر لجائحة كوفيد-19 تعقيدا.
ونتيجة لذلك، فإن التقدم الذي تحقق بشق الأنفس على صعيد تعزيز أجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة وأهداف التنمية المستدامة، خطتنا المشتركة، بات تحت تهديد خطير والتعافي يتباطأ بشكل كبير.
إننا متأخرون جدا عن الارتقاء إلى مستوى شعار خطتنا للتنمية المستدامة، “عدم إهمال أحد”، سواء البلدان أو الشعوب.
وإن الآمال بشأن المستقبل، والتي جاءت بها أجندة 2030، تتعرض للاختبار بفعل تعمق الفقر وتفاقم عدم المساواة؛ التوزيع غير المُنصف للقاحات كوفيد-19، والتزامات مُناخية دون المطلوب؛ والصراعات المستمرة، والانقسام والمعلومات المضللة، وازدياد الفجوة الرقمية.
والنبأ السار هو أن ثمة أمل لا يزال قائما ونحن نستطيع، متى توفرت الإرادة، التصدي لتلك التحديات. وكما قال الأمين العام، فإن “المُشكلات التي صنها البشر يُمكن أن يحُلها البشر.”[1]
في خطابه إلى الجمعية العامة الشهر الماضي، حث الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع الدولي على “الدخول في وضع الطوارئ وإخماد حرائق مستعرة على خمس جبهات”: مكافحة جائحة كوفيد-19، وإصلاح النظام المالي العالمي لضمان تعاف مُنصف، ومعالجة أزمة المناخ، ووضع البشرية في القلب من العالم الرقمي والتقنيات الحدودية، وتحقيق السلام المستدام.
ويُمكن لتقرير الأمين العام، “خطتنا المشتركة”، أن يكون بمثابة نقطة انطلاق لمعالجة تلك التحديات، بما في ذلك توجيه العمل المستند إلى التضامن والتعاون.
وأود أن أركز هذا الصباح على جانبين اثنين من هذه الخطة المشتركة، وكلاهما شديد الصلة بـ “التعافي المستدام” الجماعي الذي نصبو إليه.
الأول هو الحاجة الماسة إلى حماية كوكبنا. يبقى تغير المناخ على رأس أولويات أجندة الأمم المتحدة. وتوضح خطتنا المشتركة الخطوات اللازمة للاستجابة إلى حالة الطوارئ العالمية هذه. ويشمل هذا خفض الانبعاثات وصولا إلى خفض بنسبة 45 في المائة بحلول 2030، وصفر انبعاثات بحلول 2050.
من الضروري كذلك تجديد التزامات الدول للوفاء بالوعد بشأن المناخ وزيادة الطموح وإلحاح الإجراءات. ويشمل هذا خططا مناخية وطنية أقوى والوفاء بالتعهدات. كما وأن معالجة حالة الطوارئ المناخية تستلزم المتابعة بشأن ما تم التعهد به من دعم مالي وتقني من المؤسسات العالمية والبلدان الغنية.
ستستضيف مصر المؤتمر السابع والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27 صيف هذا العام. ويُمثل هذا فرصة لتعزيز دورها كزعيم عالمي للعمل المناخي. كذلك يُمكن أن يساعد المؤتمر في تعزيز القضايا المُناخية ذات الأولوية، واستعراض مبادرة مصر العالمية الرائدة وأن يُعزز الدعم للعمل المناخي داخليا.
وما فتئت وكالات الأمم المتحدة تعمل بالشراكة مع مصر لتعزيز مرونتها المُناخية. ونحن نتطلع إلى تعزيز تلك الجهود هذا العام وإلى أن نزيد دعمنا لرئاسة مصر لمؤتمر الدول الأطراف COP27 لبناء الزخم من أجل سياسات مُناخية عالمية حاسمة.
ويتمثل مكون ثان للتعافي المشترك في ضمان التمويل المستدام. وإذ نضع هذا نصب الأعين، فإنني أتطلع إلى إطلاق “تقرير تمويل التنمية المستدامة في مصر”، لاحقا اليوم.
ومن الأهمية بمكان أن أنوه إلى أننا، عالميا، لم نكن نتعافى معا. إذ نرى بدلا من ذلك تعافيا غير متساو. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، من المرجح أن يتعافى الناتج المحلي الإجمالي للفرد في أوروبا وأمريكا الشمالية بالكامل تقريبا بحلول 2023 في حين سيتأخر ذلك التعافي في مناطق أخرى وكذلك بالنسبة إلى غالبية البلدان متوسطة الدخل.
ويُعد الوصول إلى التمويل أحد محركات ذلك التعافي غير المتساوي. وقد أدت الاختلافات في المجال المالي عند اندلاع الجائحة إلى فجوات في الاستجابات الوطنية، ووجد بعض البلدان أنفسهم مقيدين في قدرتهم على تمويل إجراءات تحفيزية وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية.
كما زاد الاقتراض وارتفاع خدمة الدين من القيود على القدرة على تمويل التعافي والاستثمار في أهداف التنمية المستدامة.
إن الخطة المشتركة تطالب باتخاذ إجراءات على المستويين العالمي والوطني في آن معا.
عالميا، سيكون الوفاء بهدف المساعدة الإنمائية الرسمية لكل طرف والمددة بـ 0.7 في المائة من الناتج القومي الإجمالي مساهمة مهمة لتمويل أهداف التنمية المستدامة. كما يُعد تعزيز بنية إدارة الدين العالمي، بما في ذلك للبلدان متوسطة الدخل والانخراط مع المقرضين من القطاع الخاص، أولوية أخرى للأجندة العالمية.
وعلى المستوى الوطني، شرعت الكثير من الدول ولا تزال في بناء أطر عمل للتمويل الوطني المتكامل كأداة لربط استراتيجيات التنمية وتعزيز التخطيط الوطني وموائمة الاستثمارات مع أهداف التنمية المستدامة.
وتفخر الأمم المتحدة بالشراكة مع مصر للمساعدة في تطوير إطار عمل للتمويل الوطني المتكامل. سيُفضي هذا إلى استراتيجية لتمويل أهداف التنمية المستدامة وسيؤكد تعبئة واستهداف أوجه الإنفاق للتعليم والصحة والحماية الاجتماعية. كما وسيركز على ضمان الاستجابة المراعية للبُعد الجنساني في عمليات الموازنة.
أصحاب المعالي، السيدات والسادة، إن الأمم المتحدة مُلتزمة بتعددية الأطراف والشراكات كأدوات جوهرية لمساعدتنا في مواجهة أكثر التحديات إلحاحا.
وكما أشرت في بداية حديثي، فإن موضوع هذا الأسبوع العربي للتنمية المستدامة مناسب للغاية. إذ أنه فقط من خلال العمل الجماعي والتعاون سنتمكن من التعافي باستدامة وبمرونة لتحمل الصدمات أو الأزمات الصحية القادمة.
وختاما، دعوني أؤكد لكم أن منظومة الأمم المتحدة على أُهبة الاستعداد للعمل أكثر عن كثب مع جامعة الدول العربية والطيف الواسع من شركاء التنمية، لإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لهذه المنطقة، والاستجابة لتطلعات شبابها، وبناء مستقبل أفضل للجميع.
شكرا لكم.
اكتشاف المزيد من أخبار السفارات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.