أحمد سلام يكتب: عشية عيد الأم
عشية عيد الأم.. أليم علي النفس أن تشغر الأماكن وتنعي البيوت من بناها وأضاء كل ركن فيها لتضحي قبورا
إن رحل الأب والأم ولا تسل بعدها عن خطو إلي ديار كانت قديما لنا ديارا نمر عليها غرباء
نتحاشي النظر إليها لأن وحشة الفراق مؤلمة ولاراد لقضاء الله ليستمر الدعاء بالرحمة والمغفرة وسبحان من له الدوام.
بر الوالدين لايتوقف بعد الرحيل ويقيني أن الأرواح تحلق حولنا وإن عصفت الاحزان بقلوبنا.
عشية احتفالات عيد الأم تتجدد الأحزان وقد تناولت مواقع التواصل،
الأمر بالتزامن مع إستثمار الأمر تجاريا تحت مسمي هدايا عيد الأم التي صارت من ضمن المناسبات،
والتي تعود بالنفع تجاريا علي أصحاب المتاجر مهما كان النشاط فقد استثمر التجار المناسبة،
وتعددت العروض بأسعار يقال أنها خصيصاً لعيد الأم ملابس.. أجهزة تكييف.. أحذية.. أجهزة كهربائية
وكل هذا شاغل سنوي ودائما البر يستغرق كل الهدايا .
دعاء لكل أم رحلت بالرحمة والمغفرة ولكل أم تواصل رسالتها بموفور الصحة والعافية .
أجدني دوما استرجع مقالا للاستاذ أنيس منصور عن الأم،
وقد كتبه في عموده اليومي بجريدة الشرق الأوسط السعودية في24 /3 / 2009 تحت عنوان:
ذهبت وبكيت مع أنه لا أحد هناك !
يقول فيه :
عيد الأم. أي عيد من له أم.. فهي مناسبة أن يقبل يديها وخديها وقدميها ويقول لها: ألف شكر..
ثم يقدم لها باقة من الورد. ستكون الأم سعيدة وأبناؤها أيضا.
ذهبت أقرأ الفاتحة على روح أمي ـ يرحمها الله ويسكنها جناته ـ وأنا أعلم علم اليقين أنها ليست هناك..
ومنذ سنتين فتحت قبر أمي لأرى ماذا بقي.. ووجدت قطعة طويلة من العظام. بكيت كثيرا وندمت أنني فتحت قبرها.
ولكن أريد أن أعرف. وندمت مرة أخرى على سخافة الحرص على المعرفة..
ذهبت.. وفتحت الباب وجلست. وراحوا يكنسون الضريح ويغسلون الأرض ويرشون الماء على العشب.
وفتحت المصحف الشريف وقرأت. وأكملت القراءة دون أن أفتح المصحف فقد بللته دموعي.
وأنا لا أعرف لماذا أبكي. ما الذي أبكيه.. أبكي عليها أو على نفسي أو على كل الذين ماتوا..
الأخوة والأصدقاء والصديقات. وما جدوى البكاء؟ ولا حاجة.
إذن لماذا أبكي؟ لا أعرف ولا أستطيع أن أوقف دموعي على خدي وعلى الورق وعلى الأرض ولا أن يكون بكائي نشيجا.
وأكذب لو قلت إنني لم أحاول. حاولت. ولكن دموعي أقوى وحزني أعمق ويأسي أشد. ووجدت أنني في الفراغ اللانهائي..
فلا أحد أراه يمينا أو شمالا أو حتى إذا أغمضت عيني.. لقد فرغت دنياي من كل حبيب..
سجين أنا في دنيا واسعة لا حدود لها ولا ملامح ولا طول ولا عرض ولا معنى.
وأنا طفل ذهبت إلى ضريح جدي وحاولت أن أدخل إلى قبره وأشكو أمي أنها تضربني كثيرا. وكان الناس يضحكون.
لولا أنني لا أريد أن يقال إنني جننت في أحد الأيام لقفزت إلى قبر أمي.. وبيدي أغلقته علي!.
إنتهي مقال المفكر الكبير الراحل الأستاذ أنيس منصور ولم تتوقف الدموع.
اكتشاف المزيد من أخبار السفارات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.