السفير الإثيوبى بالقاهرة «أثقلاسيلاسى أمدى»فى أول حوار منذ «فشل مفاوضات الخرطوم»: أمريكا ليست «وسيطا» فى ملف سد النهضة
«أمريكا لا تلعب دور الوسيط بين مصر وإثيوبيا والسودان فى ملف سد النهضة، وتريد التعرف على تفاصيل الملف فقط».. «الدول الثلاث هى المسؤولة وحدها عن الوصول إلى حل مرض دون الحاجة إلى وسيط»، و«الإسلام السياسى ليس له أى مكان فى إثيوبيا».. و«إدارة السد لن تكون إلا إثيوبية» وإذا حدث أى ظرف عاجل سنتشاور مع مصر والسودان».
هكذا تحدث السفير الإثيوبى فى القاهرة، تاييى أثقلاسيلاسى أمدى، فى أول حوار له منذ انتهاء جولة مفاوضات «سد النهضة»، التى تمت فى الخرطوم قبل أيام، والتى فشلت فى الوصول إلى حل ينهى الأزمات والنقاط العالقة بين الدول الـ3 حول السد.
وشدد السفير الإثيوبى خلال الحوار على عدم رفض بلاده التقرير الاستهلالى حول سد النهضة، موضحاً أن ما تم هو طلب توضيح بعض النقاط الفنية من جاب الشركات المنوط بها إجراء الدراسات المتعلقة بتأثيرات السد، خاصة أنه تمت إضافة عدد من النقاط الفنية الأخرى، خارج إطار اتفاقية إعلان المبادىء، من قبل الخبراء الفنيين للشركات الاستشارية، لذلك تم الاتفاق بين زعماء مصر والسودان وإثيوبيا فى يناير الماضى، على عقد اجتماع اللجنة التساعية، بهدف مناقشة النقاط الفنية العالقة بين البلدان الثلاثة، التى عقدت فى الخرطوم، الأسبوع الماضى.
وأضاف السفير الإثيوبى، أن الولايات المتحدة أرسلت وفوداً عديدة لمصر وإثيوبيا، وهى المرة الأولى التى يزور فيها وفد أمريكى دولة السودان بشأن ملف سد النهضة، فضلاً عن أن الوفد لم يزر إثيوبيا حتى الآن، خاصة أن المسؤولين الإثيوبيين كانوا مشغولين بالشؤون الداخلية فى البلاد، منذ استقالة رئيس الوزراء هايلا ماريام ديسالين.. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية.. إثيوبيا والسودان رفضتا من قبل التقرير الاستهلالى للشركات الفرنسية المعنية بإجراء الدراسة المتعلقة بأضرار سد النهضة.. لماذا رفضت بلادكم هذا التقرير.. وهل تتوقع الوصول إلى حل يرضى الدول الثلاث؟
– لم نرفض التقرير الاستهلالى، وما حدث هو أننا طلبنا بعض النقاط الفنية من جانب الشركات الفرنسية، خاصة أنه تمت إضافة عدد من النقاط الفنية الأخرى، خارج إطار اتفاقية إعلان المبادئ، من قبل الخبراء الفنيين للشركات الاستشارية، ولذلك تم الاتفاق بين الرؤساء الثلاثة، فى يناير الماضى، على عقد اجتماع اللجنة التساعية بهدف مناقشة النقاط الفنية العالقة بين البلدان الثلاثة التى عقدت فى الخرطوم، الأسبوع الماضى.
■ ذكرت وكالات الأنباء العالمية أن وفداً أمريكياً زار السودان ومصر وإثيوبيا، بغرض التعرف على مواقف الدول الثلاث حول سد النهضة، قبيل انعقاد قمة الخرطوم.. هل تلك الزيارة ستعمل على تقريب وجهات النظر وتقديم بعض التنازلات الفنية لمصر؟
– الولايات المتحدة أرسلت وفوداً عديدة إلى مصر وإثيوبيا، لكن هذه هى المرة الأولى التى يزور فيها وفد أمريكى السودان بشأن هذا الملف، فضلاً عن أن الوفد لم يزر إثيوبيا حتى الآن، لأن المسؤولين فى بلادى كانوا مشغولين فى الشؤون الداخلية بالبلاد عقب استقالة «ديسالين».
والولايات المتحدة لا تلعب دور الوسيط بين مصر وإثيوبيا والسودان، وتريد التعرف على تفاصيل الملف فقط، فبعض الأطراف يحاولون تقديم العون لنا، وذلك من خلال تقديم بعض المقترحات، وإثيوبيا على يقين أن الدول الثلاث هى المسؤولة عن الوصول إلى حل يرضى الأطراف الثلاثة دون الاحتياج إلى وسيط، وإذا أصبحت الأمور خارج قدرتنا على التوصل إلى اتفاق، وكنا فى حاجه إلى «وسيط»، فسوف نتفق عليه أيضا.
■ ماذا إذا تعثرت المفاوضات الثلاثية.. هل ستقترحون الولايات المتحدة وسيطاً فى المفاوضات؟
– ليس لنا أن نحدد أى دولة من الممكن أن تتولى ذلك الملف، لكن سوف تتفق الدول الثلاث على هوية الوسيط، سواء إذا كان أمريكا أو أى دولة أخرى، وإذا كان لدى أمريكا رغبة فى ذلك، فهذا أمر مرحب به.
■ وكالة الأنباء الإثيوبية أعلنت منذ أيام إنجاز 64% من بناء السد واستلام توربينين كهربائيين من أصل 16 قطعة للبدء فى إنتاج الطاقة نهاية هذا العام.. هل تم إخطار مصر رسمياً بهذا الموعد؟
– نعم.. تم إخطار الجانب المصرى بذلك.
■ ماذا كان رد مصر؟
– ليس لدىّ معلومات تفصيلية عن ذلك الأمر.
■ متى ستنتهى بلادك من بناء السد؟
– الخبراء الفنيون لم يحددوا موعد الانتهاء من بناء السد حتى الآن، وهناك عوامل يتحدد عليها ذلك، فلا بد أن يتم الانتهاء من الأعمال الإنشائية لمبنى السد، وتركيب التوربينات الكهربائية التى بدأنا بالفعل تركيب 2 منها من أصل 16.
■ متى ستبدأ بلادك ملء خزان السد، وما العوامل التى تتحدد ذلك؟
– عملية ملء خزان السد تتحدد عن طريق ثلاثة عوامل هى: الانتهاء من الإنشاءات المدنية للسد، تركيب التوربينات الكهربائية، والعمل بتوجيهات الرؤساء الثلاثة التى تم تحديدها فى بنود اتفاقية إعلان المبادئ.
■ هل تم التوافق مع مصر بشأن عدد سنوات ملء خزان السد ومراعاة عدم الإضرار بحصة مصر المائية؟
– الخبراء الفنيون هم الذين سوف يحددون عدد سنوات الملء، لكن هذا الأمر سوف يعتمد على حجم موسم الفيضان، سواء كان جيدا أو متوسطا أو ضعيفا، وبناء عليه ستتحدد عملية ملء السد، بما لا يؤثر فى حصة مصر من مياه نهر النيل.
■ هناك عدد من التقارير الإعلامية ذكرت أن بداية ملء السد ستكون خلال موسم الفيضان المقبل.. ما صحة تلك التقارير؟
– ليست لدىّ معلومة مؤكدة بشأن هذا الأمر، والخبراء الفنيون يعلمون ذلك أكثر.
■ تتحدثون دوماً عن أنكم تعملون انطلاقاً من اتفاقية إعلان المبادئ، وفى الوقت نفسه هناك اتفاقيات مياه الدولية، وأبرزها 1902، 1925، 1929، والتى تؤكد على ضرورة الإخطار المسبق لدول المصب، وعدم إقامة أى مشروعات على حوض النهر تضر بهم.. فلماذا يتم تجاهل تلك المعاهدات؟
– نحن لسنا طرفاً فى تلك الاتفاقيات، ولم نقم بالتوقيع عليها، ولا يمكن أن يتم إجبارنا على قبول اتفاقية لم نوقع عليها، ولم نكن طرفاً فيها.
■ لكن القانون الدولى يؤكد على ضرورة الالتزام بالمعاهدات الدولية القديمة.. حتى لا تنجرف القارة إلى صراعات عديدة؟
– الدول الاستعمارية هى التى وقعت على تلك المعاهدات، وليست إثيوبيا، ومن ثم نحن غير مجبرين عليها، كما أن إثيوبيا تعمل على تنمية المياه وترشيد استهلاكها، حتى تستفيد دول المصب بحصة مائية أكبر، وتصل إلى مصر حصة مائية أضخم من حصة الـ55.5 مليار متر مكعب.
■ هل تقصد أن سد النهضة سيزيد من حصة مصر المائية؟
– نعم.. سد النهضة سوف يعمل على تقليل نسب تبخر المياه التى تسقط فى موسم الأمطار، كما سيتم تنظيم «سريان» المياه بشكل منتظم، ومن ثم سيعمل على زيادة حصة مصر المائية، ويعمل على تنمية المياه فى دول الحوض بشكل عام.
■ وزير الرى فى بلادكم ذكر قبل نحو شهر أنه من الممكن أن توقع دول أخرى على اتفاقية «عنتيبى».. هل تواصلتم مع الكونغو الديمقراطية والسودان أو مصر حول هذا الشأن؟
– مبادرة دول حوض النيل يعود تأسيسها إلى مبادرة مصرية، ووقع عدد من دول الحوض عليها، ودول أخرى لم توقع، ثم تم تطوير تلك المبادرة إلى «اتفاقية عنتيبى»، ولكن بلادنا لم تطلب من أى دولة التوقيع عليها، خاصة أن هذا أمر يخص تلك الدول، ويعود لرغبتها فى التوقيع من عدمه، كما أن مصر لها بعض المطالب كشرط للتوقيع.
■ ذكرت قبل ذلك فى تصريحات سابقة أن بلادك غير ملزمة دولياً بتفعيل مبدأ الإدارة المشتركة للسد، ثم تبدلت التصريحات إلى «هناك تفاهمات بشأن هذا الأمر»، فما هى حقيقة تلك التصريحات.. وهل تقبل إثيوبيا هذا المبدأ؟
– التصريح الخاص بأن هناك تفاهمات بشأن إدارة مشتركة للسد غير صحيح على الإطلاق، وأثناء انعقاد القمة الثلاثية، تم بحث نقاط الخلاف بين الدول الثلاث، وخاصة ملء وتشغيل السد.
وتم الاتفاق بين رؤساء الدول الثلاث على أن وزراء الرى لـ«مصر والسودان وإثيوبيا» هم المسؤولون عن وضع إطار التعاون لملء السد، على أن يكون هناك مشاورات، وعمل دراسات حول دراسة حجم موسم الأمطار فى السنوات المقبلة، ووضع جدول معين بفترة الفيضانات وتحديد كميتها إذا كانت «قليلة أم كثيفة»، ولكن إدارة السد ستكون إثيوبية، وإذا تصادف حدوث أى ظرف عاجل، أو هناك بعض التفاصيل الخاصة بتشغيل السد، سنتشاور مع مصر والسودان فيها.
■ عقب القبض على رجل الأعمال السعودى، محمد العمودى، هل ضعفت مصادر تمويل السد، لذلك لجأت إثيوبيا لتبرعات المغتربين الإثيوبيين الذين تخطت تبرعاتهم «مليار بر إثيوبى»؟
– محمد العمودى والدته إثيوبية الجنسية، لذلك هو تبرع لبناء السد بشكل شخصى ووطنى، ولم يقم بتمويل السد رسمياً، كما أنه يمتلك العديد من الشركات التى تستثمر فى إثيوبيا، والعاملون بتلك الشركات تبرعوا للسد بنحو 7 ملايين دولار، ولكن التكلفة الاجمالية لبناء السد 5 مليارات دولار، ومن ثم تبرعهم كان مبلغا ضئيلا للغاية بالنسبة لتكلفة السد الإجمالية، بالإضافة إلى أن أكثر المتبرعين للسد، من «الشعب الإثيوبى الفقير»، الذين تبرعوا بـ«2 أو 3 بر إثيوبى» فقط، حباً فى وطنهم.
■ وبكم تبرعت لتمويل السد؟
– أنا موظف حكومى، لذلك تبرعت ثلاث مرات بمبالغ صغيرة إعمالاً بمبدأ الوطنية.
■ كيف تقرأ مستقبل بلادك السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى عهد رئيس الوزراء الجديد خاصة أنه ينتمى لقومية «الأورومو»؟
– رئيس الوزراء الجديد ينتمى لقومية «الأورمور» وعضو فى الائتلاف الحاكم، لكن لم يتم اختياره لأنه ينتمى إلى تلك القومية، وتم اختياره بإجماع الشعب الإثيوبى.
أما الاحتجاجات الشعبية فلم تكن فى قومية «الأورومو» فقط، فقد شهدت قومية «الأمهر» احتجاجات أيضاً، فضلاً عن مطالب الشباب الطموح فى التنمية، خاصة أن هناك تباينا بين ارتفاع نسب النمو الاقتصادى الإثيوبى،، وارتفاع نسب الفقر.
■ ما مدى تأثير ديانة رئيس الوزراء الجديد على حكم البلاد؟
– «الإسلام السياسى» ليس له مكان بإثيوبيا، فرئيس الوزراء الجديد «أبيى أحمد» ينتمى لقومية «الأورومو»، ووالدته تنتمى لقومية «الأمهر»، وهذا التكوين يمثل طبيعية الشعب الإثيوبى، فالشعب لا يهتم بالخلفية الدينية والعرقية للرئيس، بقدر ما يهتم بقدرته على قيادة البلاد لوضع أفضل، ومن ثم «أبيى أحمد» لم يتم اختياره على أساس ديانة أو خلفية دينية أو عرقية «الأورومو».
■ هل الخلفية الأمنية لرئيس الوزراء الجديد ستساعده على التعامل مع مؤسسات الدولة بشكل فعال؟
– «أبيى أحمد» يتمتع بالنصج السياسى وممارسته للعمل السياسى منذ الصغر، كما يتمتع بخلفية عسكرية وأمنية جيدة، حيث شارك فى قوات حفظ السلام الدولية التى أرسلتها إثيوبيا فى رواندا، فضلاً عن دوره فى الائتلاف الحاكم، وانتمائه لفئة «الشباب»، ومن ثم فإن كل العوامل السابقة تساعده وبشدة على تغيير الوضع الداخلى بإثيوبيا.
■ البعض يرى السودان متوافقا مع إثيوبيا فى مفاوضات السد.. كيف ترى هذا التوافق؟
– كل دولة تحدد سياساتها ومواقفها انطلاقاً من تحقيق مصالحها الشخصية، والسودان يرى مصالح له فى السد، لكن اجتماع القمة الثلاثية للرؤساء عبدالفتاح السيسى، وعمر البشير، و«ديسالين»، تخطى تلك النقطة، وصار الأطراف الثلاثة يعملون كدولة واحدة.
■ هل سيزور رئيس الوزراء الجديد أبيى أحمد مصر قريباً؟
– أتمنى أن تكون أول زيارة خارجية له إلى مصر.
اكتشاف المزيد من أخبار السفارات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.