المأساة المستمرة والصمت العالمي القاتل: ابادة جماعية للشعب الفلسطيني بالتجويع

اليمن – عبدالله صالح الحاج

° في ظل الوضع الإنساني والاقتصادي الصعب الذي يمر به قطاع غزة، قد يكون من الصعب تصديق أن هناك مزيداً من الألم والمعاناة التي يمكن للشعب الفلسطيني أن يتحملها. ولكن الأمر الذي يحدث في الواقع أشد بكثير مما يمكن أن نتخيّله. فبالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يعاني الآلاف من الفلسطينيين في غزة الآن من التجويع بسبب الحصار ونقص الطعام والمياه والدواء، ومنع دخول المساعدات الاغاثية الانسانية من قبل سلطة الاحتلال الصهيوني نتيجة لاغلاق المعابر.

تنذر هذه الأحداث بكارثة إنسانية حقيقية وغير مسبوقة، تمثل أزمة أخرى في قائمة الأزمات المتفاقمة داخل قطاع غزة. وبعد أكثر من عقد من الزمن، ولعلمنا بأن المنظمات الإنسانية بالفعل تحذّر من هذا الأمر، فإننا ندعو العالم إلى الاستيقاظ والتحرّك للحيلولة دون وقوع كارثة جديدة للشعب الفلسطيني. لا يمكن للعالم أن يستمر في التغاضي عن هذا الواقع المأساوي، ويتوجب علينا جميعاً المساعدة في إنقاذ الناس والحيلولة دون حدوث مأساة جديدة في هذا الجزء المحاصر من العالم.

° في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعاني الشعب الفلسطيني منذ قرون من الظلم والتهميش، ولكن الأزمات والمعاناة التي يواجهها اليوم تفوق كل ما قبلها. فالدولة الإسرائيلية، التي تستند إلى قوة السلاح والعدوان، تقوم بتجويع الشعب الفلسطيني بشكل صارخ.

لا يشعر العالم الآن بألم الأشخاص في غزة والضفة الغربية والقدس فحسب، لكنه يشعر بالفجيعة أمام القيام بصمت إزاء الابادة الجماعية التي تطال الفلسطينيين لفظيا وماديا. فلقد تم إغلاق معابر الأغذية والإمدادات الطبية لعدة أشهر، مما يؤدي إلى نقص حاد في الطعام والمياه، مما يؤثر على صحة الكثير من الأطفال والنساء والرجال.

وفي هذا الوضع الصعب، يلجأ الفلسطينيون إلى الزراعة الصغيرة وتنظيم سوق السلع الأساسية لتجنب الجوع والفقر. ومع ذلك، لم يتراجع الكيان الإسرائيلي عن سياسته المتعنتة والعقابية التي تفاقمت خلال الأزمة الحالية.

فاجأت الأمم المتحدة، أثناء قمة رفع الوعي بالجوع في العالم، بيانا صادرا عن بعض المندوبين الأمريكيين، يدعمون فيه العقوبات المفروضة على الشعب الفلسطيني، ويؤكدون أن الشعب الفلسطيني يستحق الجوع بسبب تعاونه مع جهات إرهابية. وهذا البيان يمثل إنتهاكا سافرا لحقوق الإنسان وإجراء غير ذي أثر بناء ومتسق فقط لخدمة مصالح الكيان الإسرائيلي.

وبينما تتكالب الأزمات والمحن على الفلسطينيين، لا بد من بذل جهود أكبر حول العالم لمساعدتهم على الصمود في وجه الحصار وقوة العدوان الإسرائيلي. فنحن لا يمكننا السكوت على ضجيج الأسلحة الفتاكة والتجويع الممنهج الذي يضرب الشعب الفلسطيني.

° تشير التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة إلى أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من عقد من الزمن، والذي أدى إلى تراجع الاقتصاد المحلي وتفاقم الفقر والجوع، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة وسطوة الدولة العسكرية على المدنيين والممتلكات الخاصة.

وتشجعت إسرائيل في الآونة الأخيرة باتجاهات جديدة للانتهاكات الممنهجة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك استخدام القوة الفظيعة والترهيب والعنف والتجويع الممنهج. ففي نوفمبر 2019، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحصار الإسرائيلي ستؤدي إلى زيادة حادة في عدد الوفيات بسبب نقص الأطباء والأدوية والمياه النظيفة.

وفي يوليو 2020، أصدرت منظمة “بتسيلم” لحقوق الإنسان تقريراً حول التغذية ومستويات المعيشة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تبين بوضوح الحاجة الملحة إلى زيادة الإمدادات الغذائية والتغذية الطبيعية للملايين من الفلسطينيين المهددين بالجوع. وفي الوقت نفسه، يعاني القطاع الزراعي الفلسطيني من القيود الإسرائيلية المركزة على الحركة والإمدادات والأسعار.

ومؤخراً، كان للتقرير الذي أصدرته اللجنة الدولية لشؤون حقوق الإنسان يوم الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 دور كبير في تسليط الضوء على مشكلة الجوع في فلسطين، إذ اتخذ اللجنة خلاصة “اتهامية” لاستخدام السلطات الإسرائيلية للحصار الاقتصادي والتجويع بما يشكل “جرائم حرب” تتعارض مع القوانين الإنسانية الدولية. وشدد التقرير على أن الحجم المتزايد للجوع في فلسطين يتطلب إصلاحات جذرية في السياسات الإسرائيلية والدولية لحل الأزمة الإنسانية الضائقة.

° ويجب الإشارة إلى أن هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان والحصار الإسرائيلي لم يتم إلغاؤها ولا حتى تخفيفها رغم المطالبات المستمرة من قبل المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني، مما يضع الفلسطينيين في موقف صعب ويؤثر على حياتهم اليومية بطرق عديدة.

ينبغي تعزيز الجهود العالمية لإنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة والتصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون بشكل يومي، لتحقيق قضية العدالة وتمكين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم الإنسانية الأساسية والعيش بكرامة وأمان في وطنهم.

° في الخاتمة، نؤكد على الضرورة الملحة للتحرك العاجل والجاد لوقف سياسات التجويع والحصار التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتي تهدد حياتهم وكرامتهم الإنسانية الأساسية.

ونطالب المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني بالعمل بجهود مضاعفة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإنهاء الحصار الغير الإنساني وإعادة إعمار البنية التحتية وتأمين الحقوق الإنسانية الأساسية للشعب الفلسطيني.

نحن على أمل أن تتحرك الإرادة السياسية والقناعة الوطنية لحقن الدماء وإنهاء الصراع اللذين أسفرا عن العديد من الأزمات الإنسانية والخسائر والتشرد، وأن يتحقق السلام والعدل والمساواة بين جميع المجتمعات في الشرق الأوسط، ويحيا الشعب الفلسطيني بحرية وكرامة كاملة.


اكتشاف المزيد من أخبار السفارات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أخبار السفارات

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading